ليست "قضية فلسطين" قضية محلية، بل هي قضية مصيرية.
الآن أخذ العرب يدركون خطورة ما لا قِبل لهم به، واقترحوا تنازلاتهم للاعتراف بالكيان الصهيوني في "حدوده الآمنة".
والصهاينة اليهود والمهودون يحلمون بإسرائيل الكبرى، بإسرائيل ما بين النيل والفرات، بل إسرائيل العالمية التي بشرت بها توراة اليهود.
قضية فلسطين بداية المواجهة الحاسمة بين الحق والباطل، بين الجاهلية والإسلام.
مع الجاهلية تنَبؤٌ يهودي بمملكة صهيون الألفية. ومع الإسلام وعد الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بالنصر المبين، وبالخلافة على منهاج النبوة، وبظهور هذا الدين على الدين كله ولو كره المشركون، ولو كره الكافرون.
مع الجاهلية التفوق العددي والتكنولوجي والمالي والعسكري، معها الخبرة والصناعة والتنظيم، معها السبق الزمني في كل الميادين، تطرق الآن وتلج عصر ما بعد الصناعة، عصر المعلوماتية والفضاء والإنتاج الأوتوماتكي والتحكم في الخلايا الوراثية للنبات والحيوان.
ووراء الركب الجاهلي تتعثر خطانا، مسبوقين متخلفين، ممزقة أوصالنا، مبذرة أموالنا، مقَطعة أرضنا، محتلة عقولنا، واهنة عزائمنا.
سنة الله لا تجامل أحدا، وحكمه على الغثاء أن لا ينهضوا لجليل من الأمر ما داموا غثاء.
احتلت اليهودية العالمية العقول من خلال الثقافة الغربية الصائلة في العالم. لهم مقاليد الإعلام؛ الإعلام المرئي، والمسموع، والمقروء، والمخَزّن في الحاسوبات، والطائر على أمواج الأثير مكتظ به الفضاء سائر إلى عصره الذهبي في يوم قريب يستطيع كل من على وجهها أن يسمع ويرى ويتصل بكل برامج العالم. وبرامج العالم تتبارى في عرض الكفر والغفلة عن الله والفتنة بمباهج الدنيا ولذاتها.
إنها مواجهة كونية هائلة بين حق الوحي و"ظن الجاهلية"، بين أخلاق الإسلام و"تبرج الجاهلية"، بين أخوة الناس جميعا والتسامح والرحمة وبين"حمية الجاهلية"، بين عدل الإسلام وشورى الإسلام وبين "حكم الجاهلية".
الآن انتهى زمان التسلل واللصوصية، وأصبح لليهود دولتان معلنتان واحدة في نيويورك وأخرى في فلسطين. وأصبحت كتائبهم ومنظماتهم وامتداداتهم مفاخر معلنة، محترمة، صائلة.
إن التحدي اليهودي للإسلام يتمثل في قدرة اليهود على تقمص الأجسام الجماعية للأمم. وهم بعد تقمص أمريكا في طريقهم إلى تقمص أوربا والعالم. فالتحدي أمامنا ليوم الفصال يوم "وعد الآخرة" ليس أن نحارب العالم بعد أن تكون الروح اليهودية قد استولت عليه، لكن التحدي في أن نقاتل اليهود وراء كل شجر وحجر قتال البأس بينما نستخلص من الروح اليهودية هذه الجسوم الجاهلية، ندفع شرها بخير الإسلام، ونذهب ظلمتها بنور الإسلام، ونُسكت نبَاحها لتسمع دعوة الإسلام. وربك سبحانه جل سلطانه قادر على أن تسلم أمريكا ويسمع من هنالك زئير أسد إسلامي. "وعد الآخرة" مقترن بوعد ظهور دين الله على الدين كله ولو كره الكافرون. والحمد لله رب العالمين.