كتب: سيف بن سالم الفضيلي
استقطبت ندوة ابن دريد التي نظمتها وحدة الدراسات العمانية بجامعة آل البيت بالتعاون مع سفارة السلطنة بالاردن والتي اقيمت خلال الفترة من 12 الى 14 مايو الجاري اكثر من مائة باحث ومتخصص ناقشوا جملة من المحاور وخلصوا الى دعوة الباحثين للقيام بالمزيد من القراءات العلمية في تراث ابن دريد الأزدي في ضوء المناهج اللسانية والنقدية واللغوية، وتحقيق ديوانه تحقيقا علميا، لأن ذلك من شأنه أن يرفع ما لحقه من حيف، ويكشف عن مكانته وإسهاماته العلمية، وتشكيل مجموعة بحثية من المشتغلين في اللغة والأدب والنقد والتاريخ، تشرف عليها وحدة الدراسات العمانية في جامعة آل البيت، تكون امتدادا لفعاليات هذا المؤتمر واستكمالا لحلقاته، تضطلع بتوجيه الباحثين وطلاب الدراسات العليا في الجامعات والمؤسسات العلمية العربية والإسلامية والعالمية إلى دراسة تراث ابن دريد الأزدي وإحيائه وفهرسته، ونشره، ورقيا وإلكترونيا.
كما شددوا على ضرورة قيام المؤسسات التربوية والعلمية في الوطن العربي بتضمين محتوى خططها الدراسية ومناهجها التعليمية في المراحل كافة تعريفا بأعلام الأمة العربية والإسلامية وتراثهم وجهودهم، وإيلاء تراث ابن دريد عناية كبيرة.
ودعت الباحثين والجهات المعنية في السلطنة إلى الإسهام في التفتيش عن مخطوطات كتاب جمهرة اللغة لابن دريد، التي لم تعتمدها نسخ الجمهرة المنشورة.
وعلى هامش الندوة التقت (عمان) بعدد من الباحثين الذين تحدثوا عن طبيعة مشاركتهم وكذلك انطباعاتهم ومدى استفادتهم من هذه الندوة وآرائهم في مثل هذه الندوات:
قال سعادة احمد بن سعود السيابي أمين عام بمكتب مفتي عام السلطنة ان مشاركة اكثر من مائة باحث يعتبر مهرجانا في حد ذاته وهذا لا شك ان فيها رد اعتبار للشخصية العلمية لابن دريد.
واوضح ان الندوة سوف تفتح آفاقا أخرى لكثير من الباحثين والدارسين سيتوجهون الى تراث ابن دريد لدراسته وتحقيقه والتحقق منه.
مشيرا الى ان وحدة الدراسات العمانية بجامعة آل البيت ستعمل على طباعة كتاب عن هذه الندوة لتفتح آفاقا للاستفادة من تراث هذه الشخصية.
وتحدث السيابي عن ان ابن دريد بأنه شخصية متعددة المواهب أثرت المكتبة العربية والفكر العربي بمؤلفات عديدة فكتابه الجمهرة في اللغة من أهم الكتب وأروعها وهو المعجم الثاني بعد معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، أي أن ما بين معجم العين والجمهرة لا يوجد هناك معجم أو وعاء للغة العرب وتفكيرهم.
وكتابه (الاشتقاق) يعتبر من أهم كتبه بعد الجمهرة، وهو كتاب النسب ولكنه ينبني على اشتقاق العربية فيأتي إلى نسب الشخص او القبيلة ويذكر لها اشتقاقها من اللغة العربية فهو من اهم الكتب التي ناقشت الاشتقاق في اللغة العربية وله أيضاً عدة مؤلفات في مواضع كثيرة.
ونوّه: إن معجم العين هو الأساس وقد سار عليه من جاء بعده وكما يقول العلماء إنه من جاء بعد الفراهيدي في هذا المجال فهو عالة على الخليل فابن دريد تأثر لحد كبير بالفراهيدي وهو يشيد به كما في مقدمة كتابه الجمهرة.
وأضاف: ابن دريد ابتكر منهجا آخر عن الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي كان معجمه وهو العين الذي رتبه على حروف الحلق وأما ابن دريد فهو أول من رتب معجمه الجمهرة على الطريقة الألف بائية وهذه الطريقة هي التي سار عليها معاجم اللغة من بعده. وتحدث السيابي عن موقف ابن دريد العروبي الذي جلب له الكثير من الخصومات لا سيما اصحاب التوجه الشعوبي في ذلك الوقت بل وحتى على المستوى القبلي والعربي وكان معتدا بانتمائه بالأزد إلى حدٍ كبير ويتضح ذلك من خلال قصائده التي قالها في تلك الفترة الزمنية في عمان في القرن الثالث الهجري وكيف كان يحرض قومه الأزد وكيف كان يفضلهم على غيرهم من القبائل العمانية العربية.
الجلسات ضيقة
د. حسن عياش (من جامعة النجاح بفلسطين) شارك ببحث بالندوة حول (الألفاظ الدينية عند العرب قبل الإسلام في ضوء كتاب الاشتقاق لابن دريد) المؤتمر كان عبارة عن تظاهرة علمية ثقافية وهذا ليس غريبا على السلطنة وقائدها السلطان قابوس بن سعيد المعظم المعروف عنه بدعمه المتواصل للمسيرة العلمية والثقافية للموسوعات وانتاج الموسوعات والسلطنة معروفة بشكل كبير، والمؤتمر اعتقد انه كان ناجحا إلا ان الجلسات كانت ضيقة لانه اعطى لكل متحدث عشر دقائق الا ان المداخلات والنقاشات هي التي اغنت الندوة بشكل كبير جدا من الباحثين، ولا شك ان المؤتمر شكل تغطية على اساس كمية وعدد المشاركين فيه كبير جدا وذلك يدل على نجاح الندوة فالمشاركون من كل دول العالم (العربي والاسلامي) اعطوا تميزا للندوة.
واتمنى أن تستمر مثل هذه الندوات لاننا نحن الان في عصر العولمة بحاجة الى العلم لان الاخرين يحاربوننا بالعلم ونحن نريد ان تبقى هذه الهامات عالية من خلال العلم حيث مرت علينا عصور كان فيها العرب والمسلمون من اقوى الدول ازدهارا من العصور الوسطى حتى فترة متأخرة.
المصدر:
http://www.omandaily.com/malaheq/dini/eshraqat3.htm