اخباريات: رومل السويطي 3-12-2006
"كل ما يجري على الأرض الفلسطينية من جرائم إسرائيلية سببا وجيها لمواجهة دبابة الاحتلال ولو بحجر".
بهذه العبارة الموجزة لخص المواطن عصام نايف بني شمسة 47 عاما من بلدة بيتا ما يجري من اعتداءات إسرائيلية شبه يومية على بلدة بيتا جنوب نابلس، وكانت آخر ضحاياها نجله (عصام 17 عاما) الذي استشهد مساء الخميس الماضي بعد قيام جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص الحي باتجاه مجموعة من الفتية والأطفال الذين رجموهم بالحجارة ما أسفر في حينه عن إصابة الشهيد عصام بني شمسة بعيار ناري قاتل اخترق قلبه إضافة إلى إصابة ثلاثة من فتية البلدة بجراح مختلفة.
وما يلفت النظر في قصة الفتى الشهيد شادي بني شمسة هو أن بامكان أي كاتب أو شاعر أو مخرج أفلام جمع قصص الشهداء والجرحى والأسرى والمبعدين والمشردين ومن تهدمت ونسفت منازلهم في شخصه وشخص أسرته وعائلته!!.
ويعرب والد الشهيد الذي حاورته شبكة إخباريات في بيت العزاء أو "بيت التهنئة" باستشهاد نجله والذي أقيم في نادي شباب بيتا، يعرب عن اعتقاده بأن ممارسات الاحتلال القمعية والاستفزازية ضد الشعب الفلسطيني عامة وضد بلدة بيتا خاصة هي بالأساس التي تجعل بعض الفتية يخرجون عن منطق الربح والخسارة ليجدوا أنفسهم أمام دبابة الاحتلال أو سيارات " الهمر" الاسرائيلية يرجموها بما طالته أيديهم ولا يوجد أكثر من حجر أو زجاجة فارغة يرجموها صوب هذه الدبابة أو ذلك الجيب ليعبروا عن احتقارهم ورفضهم لهذا الجيش الغاصب وهذا الجندي الغريب عن أرض وهواء وسماء فلسطين.
ويستذكر والد الشهيد بأن هناك الكثير من الأسباب التي جعلت نجله من الرافضين للاختباء أو الجلوس في البيت لحظة دخول الجيش إلى البلدة، موضحا بأن اثنين من رفاقه في المدرسة وهما الشهيدين فؤاد جروان ومنتصر ذياب بني شمسه قضيا برصاص الاحتلال قبل نحو عامين، مضيفا بأن مثل ذلك السبب كان لوحده كافيا لأن يرفض نجله أن يكون من "القاعدين".
ويؤكد بأن ممارسات جنود الاحتلال وخاصة "الاستفزازية" منها رسمت قناعة لدى غالبية سكان البلدة بأن جيش الاحتلال يستهدف بلدتهم خاصة، مستذكرا الجريمة الإسرائيلية الكبرى بحق البلدة في 6/4/1988 والتي بقيت حافزا للكثير من المواطنين وخاصة لمن هم في عمر نجله الشهيد بمواجهة هذا المحتل، حين اقتحمت قوات الاحتلال البلدة وقتلت وجرحت العشرات من أبنائها ونسفت حوالي خمسين منزلا وأبعدت ثمانية من أبنائها واعتقلت حوالي 400 مواطن، مؤكدا بأن قوات الاحتلال ومنذ الانتفاضة الأولى وحتى الآن لم تتوقف يوما عن اقتحام البلدة أو استفزاز أهلها بسبب أو بدون سبب.
ويستذكر بني شمسة يوم استشهاد نجله ويقول بأن "شادي" أدى صلاة المغرب في البيت وكان على عجلة من أمره بطريقة غريبة وغير مسبوقة، موضحا بأنه وبعد خروج نجله بحوالي ساعة اتصل فيه أحد الأقارب وأبلغه بخبر إصابة "شادي" موضحا بأن المتصل فضل عدم إبلاغه باستشهاد ابنه واكتفى بإبلاغه ان ابنه أصيب.
وحول سيرة عائلة الشهيد قال الزميل الصحفي خالد مفلح وهو من بلدة بيتا أن جد الشهيد لأبيه المرحوم نايف بني شمسة كان من اوائل المناضلين في منطقة جنوب نابلس وكان في مقدمة الفلسطينيين الذين استجابوا لإغاثة إخوانهم في منطقة كفار سابا لمساندتهم في مقارعة العصابات الصهيونية في العام 1948 وقد أصيب في تلك المواجهات وبترت ساقه وفقأت إحدى عينيه، ويضيف بأن والد الشهيد كذلك أصيب واعتقل في الانتفاضة الأولى كما هدم جزء من منزله.
ويستعرض مفلح بعض جوانب تاريخ أسرة الشهيد ويقول بأن عم الشهيد أصيب في الانتفاضة الأولى كما تم إبعاد عم آخر له في العام 1970 كما تم إبعاد عدد من أفراد عائلته بينهم أطفال ورضع ونساء إلى الأردن بحجة عدم امتلاكهم هويات شخصية.
ويعلق رئيس رابطة علماء فلسطين وعضو المجلس التشريعي الشيخ حامد البيتاوي وهو من أبناء بلدة بيتا وكان حاضرا في لقاء " اخباريات " مع والد الشهيد، يعلق على ذلك بقوله: "كل هذه الجرائم ويستغرب العالم لماذا نواجه الدبابة ولو بالحجر؟! " ويضيف البيتاوي بأن الطفل أو الفتى الذي يرجم جنود الاحتلال بالحجارة إنما هو يقول للجندي الإسرائيلي : (أخرج من أرضنا .. أنت غير مرغوب فيك ) وأن هذا الحجر الذي لا يضر ماديا انما هو تحقير لهذا الجيش الإسرائيلي وإهانة لذلك الجندي المحتل المدجج بمختلف أنواع الأسلحة.
وقال بأن شعبنا فيه مثل الشهيد شادي بني شمسة ومجاهدين ومناضلين يرفضون الاحتلال بمختلف الوسائل المتاحة لا يمكن أن يقهر أو يستسلم، مؤكدا بأن الشهيد شادي وبحجره المتواضع أراد أن يوصل رسالة للجميع أن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير الإنسان والأرض الفلسطينية، كما أراد أن يقول لحكومة اولمرت أن جيشه الذي يرد على الحجر بالرصاص الحي ليس أكثر من عصابات قتلة وسفلة وجبناء، وأن يقول للاحتلال أن جرائمه واستفزازته لن تثني أو توهن من عزائم الفلسطينيين.
هذا وخلال لقاء " اخباريات " مع والد وأسرة الشهيد اقتحمت قوات الاحتلال محيط بيت العزاء وبدأت بإطلاق الرصاص صوب المواطنين فيما تصدى لها – كالعادة – العشرات من الفتية والأطفال ورجموهم بالحجارة، فيما علق عدد من الحضور على هذه الاقتحام مؤكدين بأن بلدتهم فعلا تخضع لعملية عسكرية دائمة ومتعمدة من جيش الاحتلال وقال أحدهم: "بيتا لن تخضع للاحتلال ولن تسمح لجندي أن يترجل دون أن يرجم، ولن ننسى دم الشهيد شادي وجميع دماء شهداء بيتا وفلسطين".