بَينما أحمدُ جالسٌ في غرفتِهِ يُطالعُ كتبهُ ويستحضِرُ دروسَهُ ، رَنّ جرسُ هاتفِهِ ..
أحمدُ : السلامُ عليكم ورحمة اللهِ وبركاتهُ
راكانُ : هلا . كلُّ عامٍ وأنتَ بألفِ خير ٍ.كيفَ حالكَ؟
أحمدُ : الحمدُ للهِ على خير ٍ.
راكانُ : هل ستحضرُ معنا الليلة َ.
أحمدُ : أينَ .!!
راكانُ : ألم تقرأ الإعلانَ في الجريدةِ ؟
أحمدُ : لا !!
راكانُ : سيُقامُ احْتِفالٌ كبيرٌ بمناسبةِ رأس ِالسنةِ الميلاديةِ في فندُق ِالعاصمةِ وسَيحْضرُهُ العديدُ مِنْ نجُومِ الفن ِوالفِرَق ِالمُوسيقيةِ ، سَيكُونُ حفلاً رائعاً .
أحمدُ : عيدُ رأس ِالسنة ِ..!!؟
راكان : نعمْ ، هيّا البسْ هِندامَكَ سَنمُرُّ عَليْكَ بالسّيارَةِ بعدَ رُبع ِساعّةٍ ،فلا تتأخّرْ سَيبدأ الحَفلُ في العاشرةِ مساءً نريدُ أنْ نحْصُلَ على مَقاعِدَ مُتقدِمّة ً لنسْتَمْتِعَ بهذهِ الليلةِ .
أحمدُ : يا راكانُ أما تعلمُ أنّ تهنئة َالنّصارَى بأعَيادِهمْ مُحرّمٌ فكيفَ بالاحتفال ِمعهُمْ ومُشارَكتِهِمْ ..
راكان : مُحرمٌ ؟؟!!.. ومن قالَ ذلكَ ؟؟ ... هيّا دعكَ مِنَ الكلامِ الفارغِ .
أحمدُ : كلامٌ فارغ ٌ..!! يَا أخِي هَذهِ أعْيادُ نصارَى، كيفَ نحْتفِلُ بهَا ؟ أوَمَا تعلمُ أنّ هذا مِنْ أعْظمِ مَظاهِرِ التّغيير وَالتبْدِيلِ، والتنكّر ِلِدينِ مُحَمدٍ صلى الله عليهِ وسلمَ و اتِّباع أعداءِ اللهِ تعالى فِي كلِ كبيرةٍ وصغيرةٍ، باسْمِ الرُقيّ والتقدُمِ، والحَضارةِ والتطوّرِ، وَتحْتَ شِعاراتِ التعَايُش ِالسّلمِيِّ والأخُوّةِ الإنسانِيّةِ، والنِظامِ العالَمِيّ الجديدِ والعولمةِ والكوْنيّةِ، وغيرهَا مِنَ الشعاراتِ البَرّاقةِ الخادِعةِ. والله تعالَى يَقولُ: {وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً}(1 ) ، ويقول تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ}(2) أي: عيداً يَختصّونَ بهِ.
راكان : لكنْ هُناكَ الكَثيرُ ممن سيحضرُ ثمّ نحْنُ نحْتفِلُ مَعهمْ مِن قبيلِ التسامُح ِولابُدّ أن نتعايَشَ مَعَ الآخرِ ونحْترمَهُ ونعْترفَ بحَقّ وحُرّيةِ الإختِلافِ لا غيرَ ..
أحمد : هذَا مؤسِفٌ واللهِ وهوَ ممَا ابُتليَ بهِ المُسّلِمينَ فهَذا خطَر علَى عقيدَتهٍم إنَّ الإحتِفالَ بهَذه الألفيَة هوَ احتفَالٌ بعيدٍ دينيِ نصرَانِيّ (عيدُ ميلاَدِ المسيحِ وعيدُ رأّسِ السنَةِ الميلاديّةِ ) وأنّ المشَاركة َفيهِ مشَاركة ٌفي شعيرةٍ من شعائرِ دينهم، والفرحَ بهِ فرحٌ بشعَائرِ الكفّرِ وظهورهِ وعُلُوّهِ، وفي ذلكَ من الخطرِ علىَ عقيدَةِ المسْلِمِ وإيمَانِهِ مَا فيهِ؛ حيثُ إنّ «من تشبّهَ بقومٍ فهُوَ مِنهُمْ» كمَا صَحّ ذلِكَ عن رَسول ِاللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، فكيفَ بمَن شارَكهُم في شعائرِ دينهم؟!
راكانُ : لكنْ .. أحمَدُ وصلَتنِي تهْنِئَة ٌمنْ صَديقٍ ليِ في أوروبَا بمُناسَبةِ عيدِ رأّسِ السنَةِ الميلاَديةِ .. وقدْ كتبتُ رداً عليهَا لأرسله لهُ ؟
أحمد : أخي راكَان إنّ تهّنئةَ الكفّارِ بعيدِ ( رأّسِ السنةِ ) أو غيرهِ من أعيَادِهِم الدينيةِ حرَامٌ بالإتّفاقِ ِ، كمَا نقلَ ذلكَ ابنُ القيّم - رحِمَهُ الله – في كتَابه ِأحكَامُ أهلِ الذمّة ، حيثُ قَال : وأمَّا التهنئةُ بشعائرِ الكفّرِ المختصةِ بهِ فحَرامٌ بالاتفاقِ ، مثَل أنّ يُهنئهم بأعيادِهم وصومِهم ، فيَقول : عيدٌ مبَارك عليكَ ، أو تهنأ بهَذا العيدِ ونحوهِ فهَذا إن سلِمَ قائله ُمن الكفِّر فهوَ من المحرّمات ، وهوَ بمنّزلةِ أن تُهنئهُ بسجودهِ للصليبِ بل ذلكَ أعظمُ إثماً عند الله ، وأشدّ مَـقتاً من التهنئةِ بشربِ الخمرِ وقتّلِ النفّسِ وارتكابِ الفرجِ الحرامِ ونحوهِ .
وإذا هنئونَا بأعيَادهم فإنَنا لا نُجِيبهم علىَ ذلك ، لأنهَا ليّست بأعيادٍ لَنا ، ولأنّها أعيادٌ لا يرضاهَا الله تعالىَ ، لأنّهَا أعيادٌ مبّتدعَة في دينَهم ، وإمَا مشّروعَة لكن نُسِخت بدينِ الإسلامِ الذي بَعَثَ الله بهِ محمداً صلىَ الله عليهِ وسلم إلىَ جميعِ الخلق ، وقاَل فيهِ : (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) .
راكان : قد لا يتسنىَ لبعضِ المسلمين حضورَ أعيادِ الكفّارِ لكنّه يفعلُ مثلَ ما يفعلونَ فيهَا، فهل هذاَ من التشبه؟ .
أحمد : نعَم هذاَ من التشبّه المذمومُ المحرّم.
قال شيخُ الإسلامِ: "لا يحلُ للمسلمينَ أن يتشَبهوا بهِم في شيءٍ ممّا يختصُ بأعيادهم لاَ من طعامٍ ولا لباسٍ ولا اغتسالٍ ولا إيقادِ نيرانٍ ولا تبطيلِ عادةٍ من معيشةٍ أو عبادةٍ أو غيرَ ذلك، ولا يحلُ فعل وليمةٍ ولا الإهداءُ ولا البيعَ بما يستعانُ بهِ علىَ ذلكَ لأجلِ ذلكَ، ولا تمكينِ الصبيانِ ونحوهمْ من اللعبِ الذيِّ في الأعيادِ ولا إظهارِ زينة. وبالجملةِ: ليسَ لهم أنّ يخُصوا أعيادَهم بشيءٍ من شعائرهِم، بل يكون يومَ عيدِهم عندَ المسلمينَ كسائرِ الأيَام".(3 ).
راكان : لكني رأيتُ تسخيرَ وسائلِ الإعلامِ المختلفةِ في كثيٍر من الدولِ الإسلاميةِ فضّلاً عن غيرهَا في نشّرِ إعلاناتٍ وبرامجِ التهَانيِ والتحايَا باحتفالاتِ رأّسِ السنةِ ودعوةِ النّاسِ للمشاركةِ فيهَا .
أحمد : هذا ممَا تووطَ بهِ المسّلمين وأنه لوجبَ على العلماءِ وطلبةِ العلمِ بيانَ تحريمِ ذلك
فقد اتفقَ أهلُ العلمِ علىَ تحريمِ حضورِ أعيَادِ الكفّارِ والتشبّه بهم فيهَا وهوَ مذهبُ الحنفيةِ والمالكيةِ والشافعيةِ والحنابلَة .