خيط من دخان
"أنا في حضرة الذكرى صدى الأشياء، تنطق بي فأنطق..."
__________________________________________________ _________
تذكرين جملته: " الكرسي فارغ بانتظارها.."
قربه تزيحين مساحة تكفي شبحها من الانزلاق بينكما من حيث لا تدرين، مسافة جيدة لانتظار أقل ودفء أكبر،...
تؤلمك سطوتها،.. فتهربين لــ "ذاكرة النسيان" التي بين يديك:
"... وأنا اعرف القهوة من بعيد: تسير في خط مستقيم، في البداية، ثم تتعرج وتتلوى وتتأود وتتأوه وتلتف على سفوح ومنحدرات، تتشبث بسنديانة أو بلوطة، وتتفلت لتهبط الوادي وتتفتت حنينا إلى صعود الجبل وتصعد حين تتشتت في خيوط الناي الراحل إلى بيتها الأول.".
تفكرين: القهوة هي الحب..
تواسين ذاتك الضامرة حين تقررين انتظار فنجان قهوة كذاك الشهي بين الكلمات، المتحرك في عراك السائل بالرائحة، المعد لشفتيك وحدك، إذ يسكت قعر الثرثرة باجتذاب اللذة إلى آخرها...
لازال قربك.. وجهك للنافذة، وسطور تطير عبر بساتين الزيتون على جانبي الطريق، ربما تكفي حركة اقل من دائرية لتعرفي ملامح وجهه الآن، لكنك تؤثرين تخيلها، ثم يرميك آخر الفضول للنظر إليه،..
تحاولين التشبث بأمل وجوده، تفكرين في لمس يده، وحين لا تجدي سوى ملابسه فوق جسد لم تستطيعي تلمسه، تعاودين الصراخ: بلا ملامح، بلا جسد، وربما بلا روح...؟
صوت ملهوف يلهث، تشتعل أضواء تزيل عتمة "عدمه"، لتدركي أخيرا أنك في سريرك، وأنه ليس سوى كابوس...!